إن محبة رسول الله زادنا إلى الله , وشفاء
قلوبنا , ونور حياتنا , وسعادة أفئدتنا ولكن ما حقيقة المحبة
: يتصور البعض أنه بمجرد الاقتناع بوجوب محبة النبي
فقد حصل له الحب,ولا عليه بعد ذلك إن ذكر أمامه النبي
فلم تتحرك مشاعره , ولم يلتهب الشوق في قلبه نحو الحبيب, والبعض يظن أنه
بمجرد القيام ببعض السنن أو حتى اتباع السنة كاملة يكون قد حقق الحب
الكامل لرسول الله .

وأقول مبينا فهمي لقضية المحبة :
إن الحب عمل قلبي تتفاعل فيه الأحاسيس, وتستجيب به المشاعر, وتتفجر معه
الأشواق,وتظهر انفعالات الحب مع ذكر المحبوب فيهتز القلب وتدمع العين
ويزداد الطلب والشوق لرؤية المحبوب والجلوس بين يديه لتكتحل العين
برؤيته, وتأنس النفس بالحديث معه, ويتقطع القلب شوقا, ويتحرق
ألما, عندما لا يتمكن من رؤيته, ويطول الفراق والبعاد فلا يبق
إلا الحديث والإخبار دون الرؤية واللقاء,فتسهر عين المحب, ويتقلب على فراش
الشوق والعشق, حتى إنه لا يصبر إلا إذا وعد موعدا قريبا بلقاء.

فالمحبة ليست قناعة عقلية وفقط بل هي مزيج دموع وأشواق ومشاعر
وانفعالات وحركة نفسانية قلبية , أما الاقتناع بعظمة المحبوب وشدة
اتباعه فقط دون ما ذكرنا من معاني فهذا عمل سطحي , يحتاج إلى روح
تبعثه من مواته, وروح تحركه من سباته. ومن هنا فلابد من مراقبة النفس
عند ذكر النبي مراقبة:

- حال القلب من الشوق والانفعال
أشد من شوق الإنسان إلى ولده وزوجه وكل حبيب لديه.

- بدمع عينيه
أشد ما يكون من مفارقة أحب المحبوبين إلى نفسه.

- عمله واقتدائه وامتثاله
أشد ما يكون طاعة وانقيادا لأحب الناس إليه .

لا بدمن مراقبة النفس في هذه الأحوال ليكون الحبيب النبي صلى الله عليه
وسلم أحب الخلق إليه فينفعل نحوه قلبه ,وتدمع شوقا إليه عينه, وتتحرك
للاقتداء به جوارحه.


1- أن محبة النبي هي الطريق لتذوق حلاوة الإيمان ففي
الحديث "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وأولها: أن يكون الله ورسوله أحب
إليه مما سواهما"

2- أن الإيمان لا يتحقق مطلقا في قلب المؤمن إلا بمحبته "
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله ووالده وولده والناس أجمعين"

3- أن الاتباع العملي من غير رابطة قلبية برسول الله صلى الله عليه
وسلم عبارة عن شبح بلا روح فلا يكمل العمل إلا بالمحبة.


4- أن المحبة القلبية هي وقود الاستمرار العملي والثبات عليه والاجتهاد فيه.


5- أن محبة النبي هي روح الحياة وزاد الأرواح
ومصدر السعادة ومبعث الحب للآخرين.

لا تستريح النفس إلا بها, ولا تسكن الأفئدة إلا بتحقيقها.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب نبيه .

وينفعنا بذلك الحب يوم أن نلقاه